خروج المرأة من بيتها بدون محرم
السؤال: أيهما أفضل: جلب سائقي سيارات لنقل المرأة إلى عملها، أم السماح لها بقيادة السيارة بنفسها والذهاب إلى عملها دون اختلاط؟
الجواب: هذه القضية من جنس القضايا التي تنتج عن وضع غير شرعي نقع فيه ثم بعد ذلك نبحث له عن حل شرعي، فيقول بعضهم: الحل الشرعي هو أن يؤتى لها بسائق، ويقول الآخر: الحل الشرعي أن تقود السيارة بنفسها، والحقيقة لا هذا شرعي ولا هذا شرعي، بل الحل الشرعي أن تبقى في البيت، كيف نخرج عن دائرة الشرع، ثم نبحث عن حلول لمشاكل تنتج عن خروجنا هذا؟!
إن خروج المرأة من البيت مع غير ذي محرم لا يجوز أصلاً، فلا داعي لأن نبحث مسألة المفاضلة بين قضية وجود السائق أو تعلم المرأة لقيادة السيارة، فكلاهما شر.
أما إن كان السائق كافراً -ومع الأسف يقع ذلك كثيراً- فهناك عدة محاذير؛ أولها أن الكافر لا يجوز أن يستقدم إلى جزيرة العرب التي نص النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يجتمع فيها دينان، فكيف نرضى أن نستقدم العمال الكفرة إلى بلادنا الطاهرة.. بلاد الإسلام والتوحيد؟!
وأما ما يترتب على ذلك من الفتن والفساد فحدث ولا حرج، فبمجرد أن تركب المرأة مع السائق وتذهب معه تقع محاذير لا تحمد عقباها، ويجب ألا ينحصر تناولنا للمسألة في كونها مسألة خلوة أو ليست خلوة، فالواقع شيء وما قد نتحدث عنه أحياناً في الفتاوى المجردة شيء آخر، فإن من يغفل الواقع قد يقول: ليست خلوة؛ لأنهم في الشارع، وهناك زجاج في السيارة، فهي مكشوفة.
ينبغي ألا نغفل الواقع ولا المغريات المصاحبة لخروج المرأة مع السائق.. واقع المسلسلات التي تثير الغرائز، والمجلات الهابطة، والأغاني الخليعة التي قد توجد في السيارة، والتلفزيون وأحياناً قد يكون في السيارة وما أشبه ذلك، مما يثير الشهوة، ويدفع إليها، ويحرض عليها، وما قد يصحب ذلك من كأن يذهبا إلى كفتيريا، أو يدخلا إلى مكان عام، وقد يتطور الأمر فيذهبا إلى بعض الأسواق، وفي أدوار علوية وما أشبه ذلك، أو يذهبا إلى بعض المنتزهات، وكل خطوة تؤدي إلى ما بعدها، حتى تقع المحاذير التي لم نحسب لها حساباً في أول الأمر، ولم تخطر لنا على بال.
والسبب: هو أنها تركت أمر الله في بادئ الأمر، وخرجت مع هذا السائق الذي ليس لها بمحرم، من غير ضرورة ولا حاجة مؤقتة، بل أصبحت مسألة الخروج مع السائق عندها عادة لا تستطيع الانقطاع عنها.
أما مسألة تعلم المرأة لقيادة السيارة فهذا قد أثاره بعض أعداء الله، وبعض المتآمرين على المرأة المسلمة في هذه البلاد، ولكن الله تعالى رد كيدهم في نحورهم، وهذا أمر يستحيل أن يطبق -والحمد لله- في هذه البلاد، ولن يرضى به أحد بإذن الله عز وجل، ولو دندنوا في الصحافة أو في غيرها ما دندنوا فلا يمكن أبداً أن يطبق هذا الأمر؛ لأننا بلد يجعل العرض فوق الوظيفة، وفوق الشهادة، وفوق المال، وفوق المنصب، ومهما ألهتنا الدنيا، ومهما استمتعنا في الدنيا بوسائل الترفه، فلن ننسى أبداً أن ديننا وعرضنا أغلى من كل متاع من متع هذه الحياة الدنيا ومن كل ما فيها من مناصب.
وإن كان هناك أناس ليس لهم دين يردعهم، ولا أصل شريف يمنعهم عن هذا الأمر، فهؤلاء قلة شاذة، وبأي حال من الأحوال فلن يسمع كلام القلة ويترك ويضرب عرض الحائط برأي الأكثرية المؤمنة المتمسكة بالحق، فهذا الأمر لن يكون أبداً، والنقاش فيه نقاش بيزنطي لا معنى له ولا فائدة منه.